نصوص تربوية قصيرة

العمل التطوعي

ألا تتجلى في الحياة العامة قيمة إنسانية كبرى لا يستغني عنها ابن آدم؟ ألا وهي العمل التطوعي، الذي يتجاوز حدود الدوافع المادية، ويسمو بالبشر إلى سماء التضامن والتعاون والعطاء المتدفق لكي يغيثوا الآخرين ويخففوا عنهم آلامهم ويُسْعِدُوهُمْ، لا يطلبون وراء ذلك جزاء ولا شكورا، هكذا تنجُمُ عن العمل التطوعي فوائد جمّة تعود على المتطوعين أنفسهم؛ استثماراً للوقت، وتنمية للمهارات المهنية والاجتماعية، وتعزيزاً للصحة النفسية، وغير ذلك. فما أروع أن يساعد ذو الخبرة أخاه في أوقات الأزمات والكوارث! ويتعاونوا في كبح جماحها.

التلميذ الخلوق

عرف التلميذ سعيد بين أقرانه في المدرسة بالجد والانضباط داخل الفصل وخارجه، فهو في الفصل قلما تجده ساهيا أو تائها عن الدرس، بل يحرص حرصا شديدا على الانتباه في كل حصة بغية الاستفادة من المعارف التي يقدمها ويشرحها الأستاذ نفسه و لينمي بها عقله. أما خارج الفصل فلا يرتاد أبدا أماكن اللهو، ولا يمارس الألعاب التي تضر بالناس وتقلق راحتهم، ويقصد المسجد كلما أسعفه الوقت في ذلك.

 إن سعيدا مثال للتلميذ الخلوق الذي يضرب به المثل في الأخلاق العالية والاجتهاد ومساعدة الناس. لذلك كلما مر من أمام مجلس توجهت إليه أبصار الناس وهم يرددون: ” اللهم ارحم من رباك يا ولدي “.

المعلمة المحبوبة

مع أول أيام الموسم الدراسي، دخلنا القسم مثنى مثنى، ومع عودتنا عادت الروح إلى الفصول، وعادت ضحكات الصغار تملأ الردهات والسلالم والساحات. جلسنا نروي القصص الواقعية والخيالية، نضحك بسبب وبغير سبب..

رن الجرس فتطلعت الأعناق إلى القادم، صوت نعله أو نعلها يتردد وسط صمت التلاميذ. دخلت الأستاذة وحيت الجميع بابتسامة بعثت الطمأنينة في قلوبنا جميعا، رد الجميع بلسان واحد: مرحبا، مرحبا أستاذتي.

كانت شابة مفعمة بالحيوية، طويلة القامة، نحيفة الجسم، طلقة الوجه، توزع الابتسامات على المخطئين قبل المصيبين، تشجع هذا وتفرح لنجاح ذاك. كانت أكثر المعلمات تفانيا وأقربهم للمتعلمين مكانةً.

إنها ملهمتي: عندما أكبر، سأكون أستاذة تعلم التلاميذ الحب قبل أن تعلمهم الحروف والأرقام.

الحضارة

الحضارة هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتَتَألفُ الحَضَارَةُ مِنْ عَنَاصِرٍ أرْبَعَةٍ: المَوارِدُ الاقْتِصَادِيَّةُ، وَالنُّظُمُ السِّيَّاسِيَّةُ، والتَّقَاليدُ الخُلُقِيةُ، ومُتَابَعَةُ العُلُومِ والفُنُونِ؛ وهِي لن تبدأ الا حَيْثُ يَنْتَهِي الاضْطِرَابُ وَالقَلَقُ ، لِأَنَّهُ إذَا مَا أمِنَ الإنْسَانُ مِنَ الخَوفِ، تَحَرَّرْتْ فِي نَفْسِهِ دَوَافِعُ التَّطَلُّعِ وَعَوَامِلُ الإِبْدَاعِ وَالإِنْشَاءْ، وبَعْدئِذٍ لم تنفك الحَوَافِزُ الطَّبيعِيَّةُ حتى تَسْتَنْهِضُهُ لِلْمَضْيِ فِي طَرِيقِهِ إلَى فَهْمِ الحَيَاةِ، وَازْدِهَارِهَا وَبِاخْتِصَارٍ الحَضَارَةُ هِي الرُّقْيُ والِازْدِهَارُ في جَميعِ المَياِدينِ والمَجَالَاتِ. 

تَرْتَكِزُ الحَضَارَةُ عَلَى البَحْثِ العِلْمِي وَالفَنِّي التَّشْكِيلِي بِالدَّرَجَةِ الأُولَى، فَالجَانِبُ العِلْمِي يَتَمَثَّلُ فِي الابتكارات التِّكْنُولُوجِيا وَعِلْمَ الاجْتِمَاعِ فَأَمَّا الجَانِبُ الفَنِّيُّ الَّتشْكِيلِيُّ فَهُو يَتَمَثَّلُ فِي الفُنُونِ المِعْمَارِيَّةِ وَالمَنْحُوتَاتِ وَبَعْضِ الفُنُونِ التِي تُسَاهِمُ فِي الرُّقْي.فَالفَنُّ وَالعِلْمُ هُما عُنْصُرَانِ مُتَكَامِلاَنِ يَقُودَانِ أيُّ حَضَارَةٍ. 

كرسي الحافلة

جلس أيمن بعد أن أنهكه التعب -بعد مباراة طويلة- وقد استقل الحافلة عائدا إلى حيه، كان سارحا في خيالاته يستعرض الفرص التي سنحت له في الملعب.. لو أنه استقبلها بهذه الطريقة… ليته لم يتسرع في التسديد! لماذا يمررون له الكرة بطريقة سيئة؟ 

      لم يكن يوقظه من شروده إلا ارتطام رأسه بنافذة الحافلة حين تنعطف يمينا أو شمالا. ما إن تباطأت دقات قلبه، واسترجع أنفاسه و بدأ ينعم بهناء الحصول على مقعد وسط هذا الزحام، حتى بدت له امرأة حامل، تئن من ثقلها و قد أجهدها الوقوف، و هي تستبدل يدا بيد لتتشبث بخرقة معلقة بسقف الحافلة. 

     دس أيمن رأسه بين ركبتيه محاولا تجاهلها، لكي لا يضطر للتنازل عن مكانه الذي جهد في سبيل الحصول عليه. جالت في ذهنه ومضات من دروس كثيرة درسها بالقسم تتحدث عن الرحمة و قصص الأستاذ التي كانت تحثهم على الشهامة و المواطنة و السلوك المدني الصحيح، فنهض مستحيا مما حدثته به نفسه ليفسح المجال للمرأة التي بادلته ابتسامة رضى.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

السلام عليكم بدون دخل الإعلانات لن نسطيع أن نكون هنا، ولن نسطيع الإستمرار أكثر من هذا. المرجو تعطيل البرنامج